قبل أن نتجه بسبابة الإشارة اتهاماً إلى هذا الرجل .. أو تلك الفتاة . ونعلن بعنف أنه أو أنها خائنة للحب , ينبغي الوصول أولاً إلى حقيقة ما إذا كان ذلك الطرف قد عاش الحب حقاً .. و إذا كان هناك اعتقادٌ أن كلا الطرفين في عملية الحب كان محباً ومولعاً بالآخر , فمن المؤكد والظاهر الملحوظ من خلال معرفتنا للحب وقصص الحب أن الحبيب يرى في حبيبه نفسه .
. و أنه هو السر الذي يشعره بالسعادة والغبطة و لا معنى للحياة بدونه .
الخائن أو الخائنة كما قد يصفه البعض هو شخصٌ كان يبادل حبيبه مشاعر الحب وخلال علاقتهما كل شيءٍ يوضح أنه كان في حالة حب , فلا يمكن التخيل أن ماكان بينها ليس سوى تمثيل و اصطناع .. بمراعاة مدى الصدق والعفوية في افعاله وانفعالاته , أقواله وتصرفاته
.. والتجربة أثبتت أنه كان عاشقاً . وهنا أعني تجارب كل البشر . لكن بقدرة قادر لم يعد ذلك الحبيب حبيباً . رغم عدم وجود أسباب مقنعة أو ظروف قاهرة أو قاسية تجبره على ترك حبيبه أو التخلي عنه .
. وغالباً ما يكون ذلك بشكل فجائي ..
فمثلاً لو كان ذلك بسبب عيبٍ جامح رأه في خليله لما كان الأمر بينهما وصل الى مرحلة من مراحل الحب سلفاً ..
لأنه كان يعشقه بكل عيوبه , و لايرى منه إلا كل شيءٍ حسن . لذلك يأتي اعتراضٌ على تسمية من كان الحبيب يوماً بأنه خائن . ويأتي من الأسباب ما يدعم هذا التصور على النحو التالي :
عدم الفهم لما يعرف بالحب من جانب منطقي وليس عاطفي .
. و إن كان من غير الممكن الاستعاضة عن العاطفة المتماشية مع المنطق بأي شي عند تناول الحديث عن الحب . فالخائن عندما يدافع عن نفسه نجده معذوراً لأنه كان في فترةٍ ما أسيراً لعواطفه ومشاعره وليس لعقله . فمشاعره و أحاسيسه هي التي كانت تقوده . وهي المسؤلة عن ما أبداه من عشقٍ وهيام وولع بحبيبه السابق .
. وفجأة إنطفأت هذه المشاعر أو خبت دون أي قرارٍ من المحب أو تخطيط مسبق أو متعمد . فمثلما بدأت فجأة وبسببها كان العشق , خبت فجأة . ودون حكم أو تحكم من ذلك الحبيب أو من كان حبيباً .
فهل يجوز لنا أن نحكم عليه بالخائن ؟
هل كان بين العشاق وثائق ومعاهدات حتى يصلح استخدام مصطلح الخائن ؟
المواثيق والمعاهدات أمور تخضع لإرادة البشر وقبولهم المنطقي لها وفق ما نرغب وما لا نرغب , لكن المشاعر و الأحاسيس , لا تخضع لنا بل هي التي تتحكم بنا .
ولعل هذا ما يدفعنا إلى تحري الحذر حين الحكم على الفراق أو الهجرة بأنها خيانة . لأن الخائن لم يُبيت النية للخيانة , فمثلاً حين تحدى الكثير من الصعاب فيما سبق من أجل حبه ولم يتخلى عن حبيبه في ظروفٍ قاسية عصفت بحبهما فيما سبق , كان ذلك قمة الحب .
. ولكن بعد ذلك يأتي الفراق دون سابق إنذار ..
إذاً ما هو السر ؟ وهل تصلح كلمة خيانة هنا للتعبير عن ما حدث ؟
ما ينبغي التذكير به هو أن الحب ليس كتلة واحدة في القلب ..
لو كان كذلك فهذا يعني أنه يمكن أن يتغير بتغير القلب ويبقى ببقاء القلب .. فالبعض تعرض لعملياتٍ جراحية تم خلالها استبدال القلب بآخر ولكن بقت المشاعر هي نفسها .. لم تتغير بتغير القلب .
أم أننا سنخضع للتعريف العلمي الذي يقول بأن الحب لا يعدو كونه إفرازاتٍ كيميائية تتكون في الدماغ نتيجة ظرفٍ ما . وهذا الظرف قد يكون مقابلة شخص أو رؤيته فيحدث ذلك توتراً ناتج عن تلك الإفرازات الداخلية التي يشهدها الجهاز العصبي , فتولد الشعور الجميل بالراحة والاستقرار والقبول .
ومن هنا يتوجب إلى حدٍ ما جعل بعض الحقائق و الإعتقادات تخضع للتحليل والمنظور العلمي . ومن هنا وحسب الرؤيا المنطقية فالخائن ليس بخائن .
. بل ربما يمكن القول أن الخائن الحقيقي هو المشاعر .. والشخص الموصوف بالخائن هو شخص سار وفق ما أملته عليه مشاعره التي تشكل حيزاً كبيراً دائماً في صنع القرارات .
وبدلاً من أن نعاتبه أو نكتب فيه قصائد اللوم والعتاب والهجاء ... ينبغي أن نتقدم إليه بالشكر لعدم ممارسة الخداع ومواصلة السير في طريق حب من طرف واحد لا يستطيع هو مجاملة نفسه فيه .. فهو في ذلك الحين يمثل الوضوحية حين اختار أن لا يخدع من كان حبيباً . بل كان صادقاً في إظهار مشاعره الجديدة والتغير الذي طرأ . وما أبعد المعنى بين التغير والتغيير .
وكمحصلة لذلك , نبقى في صراعٍ لفترةٍ ما ..
. بين أننا لا نستطيع إيقاف مشاعرنا الأولى نحو ذلك الخائن البريء و عدم القدرة على إجباره ليعيد مشاعره نحونا .. تلك المشاعر التي خبت .
بالرغم من كل ذلك يبقى الحب هو ذلك الخير الذي نتمناه لذلك المفارق . وتبقى تلك الذكرى التي ورثها كلاً منا عن الآخر .
تظل هذه وجهة نظر ويبقى التساؤلات المطروحة .
...
هل الحب شعورٌ مؤقت ؟
هل للحب تاريخ صلاحية محدد ؟
وهل يوجد شيء اسمه خيانة في عالم الحب ؟
موضوع: لا يوجد شيءٌ اسمه خيانة في الحب 
السبت ديسمبر 29, 2007 4:17 am
لا يوجد شيءٌ اسمه خيانة في الحب ..